Hekayat-Hanouma

حكايات أفروديتية من كل الانواع

Sunday, January 08, 2006

مطار الحب
"ماما أنا مبقتش صغيرة، هاشتغل مضيفة يعني هاشتغل مضيفة، أنا مش لاقية نفسي في حاجة تانية، كل اللي درسته كان عشان أبقى مضيفة وألف العالم، كل اللغات اللي اتعلمتها عشان بأحب اللغات وبأحب اكتشف ثقافات أخرى وأشوف بلاد تانية"
ألقت بقنبلتها هذه وتركت الغرفة والبيت كله وخرجت. كانت المرة الأولى التي تثور على والدتها بعد 24 عاما، أمها التي تعشقها والتي اختارت لها كل شيء في حياتها، تعليمها ومدارسها، كانت تختار لها ملابسها أيضا وصديقاتها، وكانت نور تستسلم دائما، أمها تحبها لدرجة العبادة وهي أيضا ، بعد انفصالها عن والدها رفضت الزواج رغم جمالها، لم تكن الأم جميلة جمالا عاديا بل كانت فينوس، جسمها نحته أفضل نحاتي العالم، كل قطعة منه آية فنية، وكانت شخصية رائعة، عصبية قليلا ولكن شخصيتها الرائعة، ذكائها، لماحيتها والكاريزما التي تمتلكها تطغي على هذه العصبية. تتميز أيضا بقوة الشخصية والحنان المتدفق، عندما اتخذت قرارها بالابتعاد عن زوجها لأنها لم تقبل خيانته لها مع أقرب صديقاتها وقف الجميع ضدها، ماذا ستفعل وكيف ستربي ابنتها الوحيدة ولكنها لم تهتم.
لم تكن تملك مؤهلا دراسيا فهي تركت دراستها في المدرسة الفرنسية لتتزوج كعادة بنات الأسر فوق المتوسطة في الخمسينيات.
قررت أن تعمل مضيفة في مطعم في الهيلتون، فهي رشيقة وجميلة وتتحدث الفرنسية بطلاقة، استطاعت أن تتغلب على كل مضايقات رواد المطعم ورؤسائها في العمل وبل وعقدت صداقات مع رواد الفندق وأصبح لها زبائنها وفي يوم التقت بمدير شركة لمستحضرات التجميل الفرنسية، كان يزور القاهرة بصحبة زبون من زبائنها، أعجب بها الرجل وبطلاقتها في التحدث باللغة الفرنسية، سألها لماذا لا تعملين في الأسواق الحرة في المطار في أجنحة شركات التجميل، أنت تملكين اللغة والجمال وكل المواصفات؟ أجابته بهدوء ولكني لا أملك المؤهل العالي، ذهل الرجل وأجابها أنه أيضا لم يتخرج من الجامعة ولكنه مدير لواحدة من أهم شركات مستحضرات التجميل والعطور الفرنسية. عرض عليها لوظيفة وقبلتها، سافرت للتدريب في فرنسا،ـ اصطحبت ابنتها معها فهي لم تكن تطيق أن تبتعد عنها يوما واحدا.
كانت نور وقتها في الثامنة من عمرها وتدرس بمدرسة فرنسية أيضا، كانت رحلة العمر في سنها رغم أنها كانت تقضي طوال اليوم في غرفتها بالبنسيون الصغير ولكنها بعد عودة امها تنطلقان سويا في كل شوارع باريس ومقاهيها وحدائقها. وفي يوم الاجازة تصطحبها لكل المعالم السياحية كنيسة الساكر كير وبرج ايفل ومتحف اللوفر وكنيسة النوتردام.
هكذا كانت العلاقة بين نور أو نور الهدي وأمها هدي ، صديقتين، اختين، ولذلك كانت ثورتها مفاجأة للام التي اعتادت من ابنتها الهدوء والطاعة. اختارت لها اسما يجمع بين اسمها لأنها ولدت في نفس يوم ميلادها مع اسم نور لأنها النور الذي أضاء حياتها المعتمة مع زوج يقضي أيامه وشهوره خارج البيت في رحلات عمل لا تنتهي.
كانت الساعات التي قضتها نور خارج البيت وحدها في مطعم الشانتييه بالكوربة ، بمثابة شريط ذكريات لحياتها، أثناء قيادتها لسيارتها وفي المسافة من ميدان سفير للكوربة ، كانت تفكر : هي السبب، هي التي ربتني في المطار وجعلتني أحبه، أشاهد المضيفات وأسمع حكاياتهن طوال الوقت، رفضت دراستي للسياحة ورفضت أن اعمل بعد الثانوية العامة في مجال الضيافة والحجة دايما المضيفات سمعتهم وحشة، مش هتعرفي تتجوزي، يا ستي أنا مش عايزة أتجوز واحد تفكيره ضيق ومحدود وهاحافظ على سمعتي، مانت حافظت على سمعتك وربيتي بنتك لوحدك من غير ما تتجوزي ومن غير ما حد يقدر يفتح بقه بكلمة عنك أو عن بنتك.
لم تشعر نور بنفسها وهي تدخل وتختار مائدة في مواجهة الحائط، جلست وأعطت ظهرها للناس وبدات تكتب كل خواطرها وتدخن سجائر المور الخضراء بشراهة، لم تكن دخنت من قبل، فهي لا تحب التدخين رغم ان امها مدخنة، حاولت في سن المراهقة مع صديقاتها ولكنها لم تستطع استنشاق الدخان، فقررت أن تنفثه في الهواء دون استنشاقه داخل رئتيها. وهكذا كانت تدخن بهذه الطريقة، تنفخ الدخان لتنفث عن غضبها وكانت تحب سجائر المور لانها تراها انثوية رغم أن أمها كانت تدخن سجائر نسائية أخرى ماركة روثمان كينج سايز وسجائر من ماركات نسائية مثل كريستان ديور وجيفنشي وغيرها.

في البيت لم تصدق هدى نفسها، كانت الهزيمة الثانية في حياتها بعد اكتشاف خيانة زوجها مع اقرب صديقة لها، لم تكن تعتقد ان من في مثل جمالها وشخصيتها وتفانيها لبيتها وزوجها يمكنها ان تتعرض لتجربة الخيانة. لماذا خانها مع واحدة اقل منها؟ واليوم وبعد عشرين سنة تخونها ابنتها ؟ ترفضها، تتمرد على كل ما فعلته من أجلها، هي التي افنت حياتها من اجلها؟
أين لخطأ فيها والا في الناس اللي بتحبهم والا في تعاملها معهم، انهارت هدى على اقرب كنبة وبدت ملامحها وقد ظهر عليها السن فجأة، التجاعيد ملأت وجهها في ثوان، هي التي كانت تتباه بان وجهها مثل الأطفال وأنه لا أحد يفرق بينها وبين ابنتها لا في القوام ولا الملامح ولا أي شيء.
كانت هدى أيضا تحتاج لان تختلي بنفسها وتفكر، مدت يدها وأشعلت أول سيجارة.

3 Comments:

  • At 12:07 PM, Blogger Nightlegend said…

    شخصية الام مرسومة كويس جدا,بس عارفة الفعل نفسه اللى عملته بنتها بيتهيألى مش هوة ده الmajor event اللى يخليها تحس بالانهيار بالشكل ده,حتى لو كان الفعل ده هوه تمثيل لتمرد البنت على امها اللى ضحت عشانها بكل حاجة.

    على فكرة القصة دى برضه حسيت فيها انك حاسة بشخصياتها جدا زى ماقلتلك قبل كدة,مش عارف يمكن عشان فيه حاجات أو أحداث معينة فى حياتهم بتتقاطع مع حاجات او مع احداث معينة فى حياتك

     
  • At 3:00 AM, Blogger Hanouma said…

    بصراحة يا نايت ليجند نقدك المتميز بيشجعني ويخليني أعيد تفكير في الكتابة.
    القصة دي ليها جزء ثاني لسه مكتبتوش انا حسيت انها هتكون طويلة لو اتكتبت في نفس واحد عشان كده قررت أجزاها ويمكن شخصية الام تتضح أكثر في الأجزاء التالية وتوضح ليه انهيارها كان بالشكل ده والحكاية أصلا حكاية البنت مش الام بس انا حبيت تكون القفلة بتاعة الجزء ده كل واحدة بتفكر في حياتها. لكن الأم مش هي الشخصية الرئيسية في قصتي، البنت هي الاهم.
    انت عندك حق في احساسك بأن الشخصيات بتتقاطع مع حاجات في حياتي أعتقد ان الكاتب زي الممثل بيعيش يخزن حكايات وشخصيات لحد ما تطلع في يوم على الورق، الحكايات بتاعتي فيه ناس أعرفهم كويس وعشت قصصهم ومش عارفة هتطلع ازاي بس رأيك بجد بيهمني وبيشجعني وباستناه، تفتكر أكمل والا ايه.
    بالمناسبة عملت ايه في العيد اخدت اجازة والا لأ؟

     
  • At 8:19 AM, Blogger Nightlegend said…

    هقوللك على حاجة,مهما حصل مش عايزك فى يوم من الايام تسألى نفسك ياترى أكمل ولا لأ,تحت اى ظروف لازم تكملى وتكتبى كل حاجة عايزة تكتبيها

    فى العيد كنت شغال يومين بالمواعيد العادية ويومين تانيين(أول يوم ورابع يوم)أخدت نص يوم

     

Post a Comment

<< Home